كانت كالسجينة تبحث عن أي منفذ هوائي في
الأنحاء لترى إن كان بوسع جسدها الصغير أن يعبر من خلاله وتهب ساقيها
للريح...لتبحث عن محطة أخرى تروق لها. الجو مشحون داخل البيت فأمها تمسك بمذياع
صغير ينقل لها أنباء وتداعيات حرب الخليج، تبكي خوفا على أخيها..وترتل الأدعية
بصوت فيه من الوجل ما فيه...والدخان يملأ الأجواء فالعراقيون قد حرقوا بعض حقول
النفط في الكويت ووالدها منع الجميع من الخروج إلا للضرورة القصوى. لم يعلم أن
رغبتها في الخروج لتتابع اللعب مع أترابها كانت ضرورة قصوى، هي الإخرى..
تخرج الخادمة "فاطمة" حاملة كيس
النفيات الأسود الكئيب الذي كان مجرد النظر إليه يبعث التقزز في نفس تلك الصغيرة،
ناهيك عن شم رائحته. انتهزت فرصة انشغال الجميع وخرجت ورائها ووصلت معها إلى بيت
جيرانهم الأغنياء التي كانت "فاطمة" صديقة لإحدى خادماتهم العشر. وفي بيت الجيران..دخلن إلى غرفة لعب الأطفال..شهقت الطفلة للمنظر أمامها. وتساءلت:
إن كانت هذه الدنيا؟ فكيف ستكون الجنة التي حدثتنا عنها أمي؟
تقدمت خادمة الجيران لفتح إحدى صناديق
الألعاب في إحدى زوايا الغرفة...أدنتها فاطمة للصندوق. ألقت نظرة على محتوى
الصندوق وابتسمت...فهذا كله لم ولن يكون لها. ولن يشعرها بنفس سعادة هروبها
اليومي..ووهب ساقيها النحيلين للرياح. أبدا. وابتعدت..
No comments:
Post a Comment