لطالما استوقفتني كلمات نشيدة إبراهيم السعيد من ألبوم وصال الأول:
توبتي..وخصوصا البيت الأول الي يقول
جاءت إليه و نار الجوف تستعرُ ...و دمعة العين لا تنفكّ تنهمرُ
فمن هي التي جاءت؟ وما قصتها؟؟
بحثت عن كاتب كلمات القصيدة فوجدت القصيدة كاملة، وتوصلت إلى أن كاتبها هو الشاعر صالح علي العمري، وأن القصيدة كُتبت في المرأة الغامدية التي زنت في عهد الرسول وجاءت إلى أشرف الخلق لتعترف له بذنبها وتطلب منه أن يطهرها منه وأن يقيم عليها حد القصاص..دفعها ضميرها الحي وصدق توبتها..قصة قمة في التأثير..وكلمات الشاعر وضعت أحداث القصة بأسلوب أكثر تأثير
فـ قررت أن أضع بين يديكم القصة مع الأبيات "بتسلسل الأحداث" حتى نعيش الجو ونستشعر صدق توبة المرأة وعظم نبينا ورحمته..
بأبي أنت وأمي يا رسول الله
:')
رُوي أن امرأة غامدية من جهينه أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: يا نبي الله أصبتُ حدا فأقمه علي
فطلب منها عليه الصلاة والسلام الإيضاح، فذكرت لهُ أنها زنت وأنها حبلى (حامل) من الزنى
فتخيليوا ردة فعل الرسول؟ أشاح عنها يريد أن يستر عليها وهو من قال: ادرءوا الحدود بالشبهات
جاءت إليه و نار الجوف تستعرُ
و دمعة العين لا تنفكّ تنهمرُ
جاءت إلى الرحمة المسداة في لهفٍ
في ساحة ا لأمن.. لا ذلٌ ولا خطرُ
الحدُّ يُدرءُ . . و الأحكام عادلةٌ
والذنب مغتفرٌ ، و العرض مختفرُ
تقدمت و الضمير الحيُّ يشحذها
لجنّةٍ نحوها الأرواح تبتدرُ
واستجمعت تفضح الأسرار في أسفٍ
لعلّها
في مقام العرض تستترُ
وهج الفضيحة أمرٌ يستهان به
فحرقة الجوف لا تبقي
و لاتذرُ
فأقبلت و رسول الله في حِلَقٍ
من صحبه و فؤاد الدهر مفتخرُ
كأنه الشمسُ . . أو كالبدر مزدهرا
أستغفر الله.. ماذا الشمس و القمرُ؟!
فأفصحت – يالهول الخطب- وانفجرت
و طالما هدّها الإطراق و الفكرُ
قالت له يا رسول الله معذرةً
ينوء ظهري بذنبٍ كيف يُغتفرُ!!
فجال عنها و أغضى عن مقالتها
و للتمعّر في تقطيبه أثرُ
فأتت رسول الله من الجهة الأخرى فاعترفت، فأشاح عنها حتى اعترفت أربع مرات وطلبت من نبي الرحمةِ أن يطهرها وهي ثيَب (متزوجة) وحدها هو أن ترجم حتى تموت، ولكنها لم تتردد فنفسها رخيصة في سبيل الله، وحرارة الذنب تأكل قلبها..
واسترسلت يا أجلّ الخلق قاطبةً
يا أرحم الناس طُرّا غرّني الغررُ
فجال
عنها و أغضى عن مقالتها
رحمى..وللعفو في إعراضه صورُ
قالت وللصدق في
إقرارها شجنٌ
والصمت يطبق والأحداث تُختصرُ
أصبت حدّاً فطهّر مهجةً
فنيت
وشاهدي في الحشا، إن كُذب الخبرُ
دعني أجود بنفس لا قرار لها
فالنفس مذ ذاك لا تنفك يحتظرُ
حرارة الذنب في الوجدان لاعجةٌ
إني
إلى الله جئت اليوم أعتذرُ
فقال لها رسولنا محمد: "عودي حتى تضعيه" فعادت بعد أن وضعت طفلها، فأشفق الرسول عليها وعلى طفلها، وطلب منها أن تعود به بعد أن تتم رضاعته
فقال عودي.. وكوني للجنين تُقى
فللجنين حقوقٌ مالها وزرُ
فاسترجعت
وانثنت شعثاء شاردةً
فهل لها فوق نار الوزر مُصطبرُ؟!
حتى إذا حان حينٌ و انقضى أجلٌ
و قد تقرح
منها الخدّ والبصرُ
حلّ المخاض فهاجت كلّ هائجةٍ
مثل الأسير انتشى و
القيدُ ينكسرُ
طوت عليه لفاف البين وانطلقت
فروحها للقاء الطهر تستعرُ
و أقبلت .. يارسول الله ذا أجلي
طال العناء و كسري ليس ينجبرُ
فقال قولة إشفاقٍ و مرحمةٍ
و القلب منكسرٌ ، و الدمع ينهمرُ
غذّي الوليد إلى سنّ الفطام فقد
جرت له بالحقوق الآيُ و السورُ
وبعد أن انقضت سنتين، رجعت إلى رسول الله ومعها الوليد ممسكا كسرة خبر، وتتوسل إلى رسول الله أن يطبق عليها الحد ويأخذ طفلها..
جاءت به ورغيف الخبز في يده
وليس يعلم ما الدنيا و ما القدرُ !!
وليس
يدرك ما تفشيه لقمته
و الشمل عمّا قريبٍ سوف ينتثرُ
قالت فديت رسول الله
ذا أجلي
قد ملّني الصبر،والعقبى لمن صبروا
فقال من يكفل المولود من
سعةٍ
أنا الرفيق له.. يا سعد من ظفروا!!
كأنما الروح من وجدانها انتسلت
يا
للأمومة . . و الآهات تنفجرُ
وكفكفت دمعةً حرّى مودِّعةً
و للأسى صورةٌ
من خلفها صورُ
طبق فيها الحد...وطاش شيء من دمها على أحد راجميها فسبها، فردَ عليه نبي اللهه قائلا
والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها أهل المدينة لوسعتهم، والذي نفسي بيده إني لأراها تنغمس في أنهار الجنة
وشذّرتها شظى الأحجار فالتجأت
وفي تألمها عتقٌ و مطّهرُ..
لو أن للصخر
قلبا لانشوى ألما
و قد ينوء بأثقال الأسى الحجرُ
أو أن للطفل عين
والدماء سدى
ماذا عسى أن يقول الطفل يا بشرُ؟!
هناك والجسد الذاوي يفوح
شذى
لم يبق إلاّ جمال الطهر والظفرُ
واستبشرت بعبير التوب واغتسلت
كما ينقي صلاد الصخرة المطر
وقال فيها رسول الخير قولته
تابت و
توبتها للناس معتبر
لو وزّعت بين أهل النخل قاطبةً
كانت لهم دون بأس
الله مُدّثر
قام النبي وصفّ الصحب في أثرٍ
فيهم أبو بكرٍ الصدّيق و
العمرُ
صلى وصلّوا وضجوا بالدعاء لها
و دعوة المصطفى للعبد مُدّخر
في ذمة الله يا من فاح مرقدها
عطرا، وطبتِ وطاب القبر و المدر
بيّنتِ حكما، و كنتِ للتقى مثلاً
وفاز بالصحبة الغراء مبتدر
سارت إلى جنة الفردوس فابتسمت
لها الربى و النعيم الخالد النَضِر
وجنّة الخلد تجلو كل بائسةٍ
يحلو إليها الضنى والجوع والسهر
إن
غرّها طائف الشيطان في زمنٍ
فلم تزل بعدها تعلو و تنتصر
هناك قصة توبٍ
تزدهي مثلا
للتائبين و فيها البرّ و العبر ..
في كل لفتة حزنٍ نور
موعظةٍ
أليس في سيرة الأصحاب مُدّكر
الله يفرح إن تاب المسيء ..ألا
قوموا إلى الله و
استعفوه و ابتدروا
لا تأمن العمر والأيام راكضةٌ
وقد يجيء بما لم تحذر
القدر!!
في الدهر زجرٌ وفي الأحداث موعظةٌ
فما لقلبي المعنّى ليس
ينزجر؟!
كم غرّ إبليس والأهواءُ من نفرٍ!!
وأعظم الذنبِ أنّ الذنبَ
يُحتقرُ..
تخيلوا المشهد الجليل..
أترككم مع الأبيات كاملة في هذا
الرابط للي يحب يقراها لاني اختصرت منها الكثير وانتقيت هنا ما يكفي لفهم القصة
ومع أيام الرحمة، خل نستشعر جميعا المعاني العظيمة الي تحكيها القصة والأبيات، عسى الله يرزقنا توبة صادقة كصدق توبة المرأة الغامدية..ويطهرنا من دنس السيء من أعمالنا
حياكم الله